الأربعاء، يناير 26، 2005

تعريفات

الزواج: فراش عريض جدا، بارد جدا، عليه نتقاسم الخبز و الضغينة

الحب: فراش أيضا لكن أقل عرضا و أقل بردا من الأول
عليه نتقاسم القبل و الأكاذيب

المرأة: كائن يتآكل من الداخل و لا يظهر شيء على صورته الخارجية
الرجل: تائه لا يجد الحب طريق إلى قلبه
الشعراء: يعيشون غرباء و يموتون قبل الاوان
الحلم: خيط حريري رقيق لا يتعلق به إلا المجانينالجنون: لكي تكون محبا عليك بكثير من الجنون و لكي تكون مجنونا عليك بكثير من الصدق
الخوف: أن تسلـّم خرافك للذئب بنفسك قبل أن يبادر هو إلى زريبتك
مراحل العمر: حينما تكون شابا، ثق أنك في النور فأنت لا تنظر لمن حولك، لكن الكل يرونك جيدا فمن كان في النور لا يبصر من في الظلام ، و حين تحس أنك بدأت تحدق فيمن يحيطون بك تأكد أنك هرمت ودخلت غرفتك المظلمة
الصداقة: زهرة ياسمين، إن سقطت بتلاتها وجفّت نحتفظ بها بين صفحات هذا الكتاب
الذكريات: ثوب بال نريد أن نلبسه لكل طيف حالم يصادفنا
الزمن : مارد لا يكشّر في وجهك إلا حين تحدق مليا في المراة
الهاتف : آلة عجيبة تؤكد نظرية -الأذن تعشق قبل العين أحيانا
النسيان: علاج باهض الثمن لا يحصل عليه إلا الأقوياء
الوحدة: ثبّت تلفازك على قناة حواس الفضائية وارفع الصوت إلى أقصاه حتى لا تسمع صوت نفسك
حين تكون وحيدا
.القلم: كائن مخيف تفرّ منه أجمل الأفكار
الوطن العربي: يتيم ورث عن والديه كمّا من الندم لكنه لم يبلغ سن الرشد بعد

الأحد، يناير 09، 2005

ليلى

كلنا مرضى .... نعم
..................
لكنّ ليلى شارقة بالدمع
في حضن العدى
..........
..........
قتيلة ... و تبتسم

كثير عزّى

و باتت عيون عزّى غير قريرة
و كُثير في غير ديارهْ
كيف الوصول إلى مشفاكمُ قلي و إن وصلت هلّي في زيارهْ؟؟؟؟؟
فكثير شاك من عزّى و فُرقتها
شكوى العزيز صمت في قرارهْ
و كثير طير لا يُبلُّ جناحه لا يحلو
له التغريد إلا
في وكارهْ
و كثير فُلّ و الفراش يحوطه
عطر القرنفل
يسحر في شطارهْ
ويل لليلى
و الهوى شكّ قلبها
في كفّها الحب
أم في كفّها
نارهْ
تبّتْ
يدا ليلى
عزى أحقّ بأن
ترعى كثيرا
صدْفا
في محارهْ

جبل على جمل

عائشة...
ليلكة
في قمّة جبل
على النّاقة
...
ترتحل
صوّاغة أمل
مربكة للمستحيل
..
أنّى منك العشبة السّحريّة
...
قولي
...
أنّى منك
تعويذة
...
تشفيني من سقمي؟؟؟؟
أخت الزّمان احضنيني
فقد أغرقني.....ألمي
و إنّي .............وحيد
سلاني الأحبّة
...
عمرا
و ما ضمّ قلبي
....
كحضنك يوما
سوى......حضن أمّـــــــــــــــــي
احضنيني...فأنّى...تسير بك النّاقة
تلتقيني
مادت الأرض تحتي
و شحّت سمائي
و أنت...الّتي إن يعزّ اللّقاء
غطائـــــــــــــــــــــــــي.

عودوا

·
تعودنا الأعياد من عام
....
إلى عام
فتسعدنا
....
من طبعها العود
إن ّالعوْد...محمود
.......
يرنو الجميع
لنهل الحبّ
من حضني
....
فأكرمهم
قدر المراد
فيزهو الكفّ...ممدود
مزنُُُُ ُ سحابي
..
دونما كبر و مفخرة
طائيّة الإحساس
...
من عاداتنا الجود
.......
.......
إنّي بليت بأحباب
من الصّلصال
قد قدّت ...قلوبهــــــــم
ماتت مشاعرهم
على هجراننا اعتادوا
.....
ما زلت
..
أسقي لقيس الثّمر
عندهمُ
و إنّهمُ....داسوا كرومي
و رشّوا الملح
......
في أرضي
أصبحت ...بيد

الخميس، يناير 06، 2005

شفــاء مريضــة

قاعة واسعة ...فارغة ...مفرغة...أنين، حشرجات ،طنين ذباب، أبواب تفتح ثم تغلق،...ما هذه الأشلاء؟ ما هذه الدماء التي تغطي أرضية القاعة؟؟عواء بعيد يصمّ الآذان،نظرات شفقة، قهقهات هازئة
ماذا جرى ؟
استأصَلوها ....كان يجب أن يحدث هذا من زمن، لم يكن عليها أن تصاب بهذا الداء الفتاك - كان يجب حماية العشيرة من العدوى- هي الجانية على نفسها فقد سمحت لهذا الوباء أن يستقر في روحها
...
هي القاتلة ...قاتلة ...قاتلة
.....
صيحات اتهام و فزع و جنون - أصابع طويلة تمتد نحو كل جزء من أشلائها الملقاة على الأرض-أصابع تدين و تطالب بأقسى العقوبة -تطالب باختراق العادي في القوانين، تبحث عن طريقة غير مألوفة للإنتقام من هذه الأشلاء
بركة الدماء تمتد ، و تمتد، تغطي الأرضية ،تندفع نحو الأبواب
و النوافذ ، تتدفق ،تنهمر
.....
يهرع الكل للهرب، للإبتعاد نحو أقصى نقطة في المكان، يريدون النجاة، يودون النجاة ....و لكن بركان الدم أقوى من أن يقاوم ....النجدة ...الغوث ...إلينا... ما من مجيب. الداء في القلب، اِبحثوا عنه، مزقوه، أحرقوه، اِستأصلوه، هو سبب البلية، هو سبب الطوفان ... حرام أن نموت غرقى ، حرام أن نثصاب بهذا الداء اللعين،يجب أن ننجو ...اِبحثوا عن الروح، دمروها ، حطموها ،أبعدوها عن عالمنا المعافى
.....
روح عفنة
.....
قـــــــــذرة
.....
روح مريضة
......
لم تقبل أن تشفى
......
أين العقل، أين بقايا العقل، أين حطام العقل؟ لا عقل ولا تعقل ....لا فكر ولا تفكير، الكل إلى زوال .... الطوفان يجرف كل شيء، الطوفان يجتث كل القيم الثابتة على هذه الأرض
......
كان يجب أن تشفى قبل استفحال الداء ... اللعينة، المتهورة، قرص واحد كان يكفي لعلاجها، حبة منومة، و أخرى منشطة و ثالثة مهدئة .... حبوب ، حبوب، حبوب
.......
جبل من الحبوب لن يكفي الآن لإيقاف الطوفان، العشيـرة في خطـر، القـيــم في خطـر .... المبـادئ في خطـر.... كانت عنيــــدة، رأسها أصلب من الفـولاذ، هي التي تواطأت مع المرض، فسمحت له بــأن ينخر جسمها اللعين، حاول كل الأطباء علاجها، اِستأصلوا قلبها، روحها، فكرها، ذاتها
استأصَلوها
............
و ما اكتشفـوا سر مرضها، وما استطاعوا تحديد الدواء الناجع لها، قاموا بتجارب يائسة معها، فما توصلوا لحلّ، وما زادها عجز الأطباء إلا صلابة و تمردا، تخلصت من عقاقيرهم الخادعة
رمت بها بعيدا نحو البرق ... و أغرقت تعابيرهم الجوفاء في أعماق المحيطات غذاء للأسماك اليائسة
......
الأشلاء تتحرك، تتحرك، تتحرك .... ما الذي جرى؟ إنها تتقدم، تتقدم، يدان تحتضنان زنبقة سوداء،قدمان تسيران في برك الدماء، تدوسان على الدماء المتخثرة،جمجمة مفرغة، لا مشاعر، لا أحلام،لا أحاسيس .... مشهد باهت ....صار يبتعد شيئا فشيئا، صار نقطة في الأفق، نقطة سوداء
أخيرا رحلت أشلاؤها إلى مدن النسيان ...آثرت الرحيل من عالم الأصحاء جارّة كل آلام العالم، حاملة قبرين بين راحتيها: قبر يجمع أشلاءها و آخر يضم بقايا كرامتها المصلوبة .... الحمل ثقيل، ثقيل ....وهي متعبة ....منهكة....متألمة.....الألم يعصرها و الذكرى تغتالها....لكن الرحيل أكيد،لا مفرّ.....
ربما أقرت بينها و بين نفسها مرة أنها مريضة و أن عليها أن تبحث لنفسها عن عقاقير تقطر رحيقها بمفردها لكنها سئمت الكلام عن المرض و الشفاء. كانت تعرف من البداية أن شفاءها ميؤوس منه، لم تكن لتعيش على أمل زائف ....
علّتها أعمق من أن تعالُج ، ما من أمل، ما من رجاء فمرضها طال،كل من يحيطون بها، طال البشر و الأماكن
و الأشياء، شفاؤها لم يعد حلا لم يعد مُجْد فالطوفان أغرق كل شيء، أتى على كل شيء و جرف كل شيء
.......
موج عاة يدفعها نحو صخرة تقسم ظهرها..........ظهرها فتح في الصخرة فجوة، ألمها أقوى من الصخرة.... فجوة سوداء، هوة عميقة
.............
لمَ لاتجرب الدخول إليها؟؟ ربما تشفى؟؟ ربما يكتب لها أن تصير ككل البشر؟؟؟ ليس عليها أن تيأس، الأمر لم يعد بيدها، الرغبة المجنونة أقوى من إرادتها، الرغبة شلت إرادتها، الرغبة كانت أشد صلابة من رأسها الفولاذي
......
لمَ هذا النداء إلى الهوّة؟؟
لمَ هذا الإنجذاب نحوها؟؟
ماذا بقي لها أن تلملم؟؟
حطام..... فراغ.....بقايا كرامة مذبوحة....أين كبرياؤها؟؟؟ شموخها؟؟؟ عزتها؟؟؟
معان فقدت معانيها
.....
الوقت لا يسمح باللوم،، لا يسمح بالتفكير و البحث عن مزيد من الأشلاء
.........
الفراغ الذي بداخلها يكفي ليملأ الهوة السوداء... الألم المتبقي من روحها المستأصَلة ستغرقه في أعمق أعماق هذا البحر......ستدفنه تحت هذه الصخرة الخرافية
......
الهوة السحيقة تنادي،،، الطوفان يُغرق الشوارع، الطوفان يمتد إلى البحر .....حذار، اللونان قد امتزحا، أحمر داكن
و أزرق أكثر قتامة،عليها الدخول قبل وصول دفق الطوفان
الفجوة ....الهوة ...النداء
.....
الفجوة أرحم لها من حياة فارغة ... الفجوة أرحم من عالم مليء بالأغبياء
....
الفجوة هي الأمل...هي المستقر
.....
أخيرا وجدت لذاتها المعذبة مقرا و مستقرا، أخيرا تصالحت مع نفسها و طاب لها أن ترتاح راحة أبدية
...
راحة لا شفاء منها
.........
..............................
...............

الأحد، يناير 02، 2005

المحطة الثامنة

:حبيبتي المغتربة
رحلت و طال غيابك عنا........ و ما عدت. و صار الشوق فينا بطول المسافة للقمر و بطول أيام الضجر،صار يحيينا و يفنينا و ما هلت علينا تلك الصورة الحلوة، تلك البسمة الهادئة النشوى، ذلك الوجه الملائكي الأحلى من القمر....أنت يا أمي من علمت القمر كيف يضيء
و أعطيته من سحرك، من هدوئك و سكينتك... أنت من نزعت عنه غبار السنين و فرشت لنا الدرب نحو الغيمات لكي نزرع فيها أحلامنا فتمطر الدنيا 
و يخضر الشجر، أنت من علمت الشجر كيف يخضر و يورق
ثم يثمر، و علمت الطير كيف يبني أعشاشه فوق الشجر، أنت نصحت الشمس بأن تمشّط شعورها الذهبية كل صباح
لتبدو أحلى و أجمل، تمنيتِ لليل أحلاما وردية حتى صباح جديد
...........
و رحلت فجأة.........بغتة...........فتركت الكون معلقا ينتظر الإذن ليولد من جديد ..... لكنه أصبح عاجزا على أن يكون، أصبح لا يقدر على العودة من جديد لأنك أنت أيضا احترفت الذهاب بدون عودة، أنت احترفت الهجران
و الرحيل و نحن احترفنا الانتظار في كل محطات العالم، عسى أن تكوني من بين المسافرين العائدين، عسى أن نراك بحقيبة السفر
..
و ما عدت .......فما كنتِ.. وما ...... كنا .............................................................
فكيفك؟... كيفك بعد الهجر و البين، كيفها معك الأيام يا أمي ، كيفها إطلالة الشمس على محياك ؟ و بسمة الصبح تعلو ثغرك الهادئ؟ كيفك يا سنونوة جذلى تلملمنا ، تدغدغنا، فيحلو قربها التخييم و النجوى
أما زلت كما كنت ؟....كما أنت؟....كما النور إذا يسري؟ كما الشعر كما النثر، كما البداهة
.......
هل تساءلتم يوما لماذا تشرق الشمس كل صباح ، لماذا تزقزق الطيور ، 

و لماذا يأتي الربيع؟؟؟؟؟
لأن الأمر بديهي... طبيعي... لكن أن يأتي الربيع و الصيف و الخريف 

و الشتاء..... أ ن يبقى البديهي بديهيا و أن تصيري أنت استثناء فهذه بلاهة.... هذه لخبطة لكل القوانين والنواميس الكونية ...................................
أما زلت تحتضنين العالم بحنوك المعهود بحبك الذي يفيض على الكون فتزهر في كل قلب عريشة فل و ياسمين
و مانوليا...................و تحصد كل القلوب خيرات حبك الرباني .... إلا قلبك و هذا استثناء أيضا فهو ما حصد إلا الضنى و الألم .... قلبك يا أميمتي أعطانا الحياة و حصد الأفول ، علمنا البسمة و ترك لنفسه دموع كل البشر ، واسانا بالـأمل فأعطى لطيورنا أجنحة و علمها التحليق في الأعالي و ترك لنفسه العصافير الجريحة يضمد أجنحتها
و يعيد لها الأمل لكنه ما جنى إلا اليأس.... أعطانا الإذن لندخل التاريخ 
و الحدود و رحل هو إلى مكان لا تاريخ و لا حدود....أسكننا تحت خمائله وعطرنا بروائحه فأنتشينا و نسينا .... غمرة غرورنا أنستنا أن نعطي لهذا القلب الأمين من قلوبنا ، ذاب من أجلنا مبتسما متشامخا متماسكا ، حتى اليوم الذي اكتشفنا فيه كم ......كنا مغفلين !!!! حتى اليوم الذي سكنت فيه دقات ساعات الكون .... حتى اليوم الذي تهاوى فيه ذلك الصرح.... و آثر الرحيل ، فغابت كل الأيام و اعتذرت كا النجوم عن اللمعان و تاهت خيوط الشمس و لم تعد تقدر أن تفك سبائكها الذهبية ، حتى الطيور لم تعد تقدر على تحريك أجنحتها و نسيت تماما كيف تزق فراخها و تهاجر في الشتاء
.....
الشتاء أيضا عاد و آثر البقاء.... اضطر للبقاء فهو لم يعد يذكر طريق العودة ، تجمد الكون بثلوجه وسكنت كل السمفونيات
......

السبت، يناير 01، 2005

المحطـــــــة التاسعــــــــــة

صباح الخير يا أمي ، صباح النور يا حلوة ، مساء الخير يا أمي مساء الحلم و الغربة
.......
بي حنين إليك ، تباريح وجد و شوق ولم يخْـــبُ يوما خشوعي بمحراب حبك فأنت التي اختزلت صفاء كل النساء و كل الأمومة منك قد نبعت
...غمرتني ، تشرّبتها نسمات روحي ، فلم أقدر إلا أن أكون طفلة ، طفلتك إلى الأبد
.............
يمر الزمان فتذوي الحياة أمامي، ألوذ بثرثرتي المعهودة إلى صمت القبور، و أنتقي لذاتي أقنعة أستعملها وقت الحاجة لأستطيع التعايش مع من يحيط بي في هذا الكون االمزيف و لحسن الحظ أنني محاطة بالأغبياء فلا يمكن لهم أن يفكوا
طلاسم روحي
....
لم يتصوروا أن مفاتيحها خبأتُــها عنوة في حقيبة سفرك، منذ تسع سنوات ...يوم أن عزمت على تعليمي أصول الشوق المحرق، لم يستوعبوا أن كل هذه الفرحة،هذا الشعر و الموسيقى و الانطلاق ليست إلا مجرد أقنعة أنيقة انتقيتها بتفنن و أتقنت الأدوار لإخفاء الحقيقةن حقيقة واحدة و هي أنني بلا روح......خشبة......بلا حس
و لا مشاعر
.......
هل تدركين يا أمي أنك تركتني بلا تاريخ
........
رحلتِ قبل أن أسألك عنّي، تفاصيل دقيقة، كنت أنوي الإستفسار عنها، كنت أود أن أعرفها منك .....لكنها بقيت معلقة
.......
تسرعت يا أمي ،حقيقة تسرعت..بقرارك
إذا كان لا بد من الرحيل !! لماذا تركتني إذا بعدك منبتّة لا أقدر على الحياة؟؟ كيف لمنبت أن يعيش في عالم الأنفاق
و يعاقر حب المستنقعات؟؟؟؟؟

المحطة السادسة

إليك يا شجرة التوت الضليلة....يا من جمعتنا تحت أغصانك و حميتنا غوائل الدهر
إليك يا من جاهدت بصمت // و أحببتنا بصمت///
و رحلت بصمت.... بصمت..... بصمت
لقد تركتنا من بعدك حيارى لا نفقه سر التلاقي///// فنحن قد ضيعنا بعدك طقوس لملمة أشلائنا المشتتة
بعدك أيتها البعيدة القريبة الحبيبة ....صارت المسافات لا تؤدي إلى نقطة اللقاء ...إلى أين ستأخذنا هذه المنعرجات و شجرة التوت التي كنا نأوي إليها لنرتاح تحتها فنستنشق عبيرها قد اقتلعت و ما بقي منها إلا الطيف و الشذى يسكنان قلوبنا اليتيمة؟؟؟؟؟؟؟؟
بعدك يا أمي.. بعدك يا حبيبتي...توقف زمني و تجمد إحساسي 

و ذوت الابتسامة على شفتيّ و صرت صخرا لا يتقن فن الحياة /// فصنعت لنفسي عالما أنت فيه إلى الأبد ....صرت أبحث عنك في كل امرأة تلفّعت بلحاف كلحافك و مشت مشيتك الهادئة//// في كل أم تحنو على أبنائها مثلما كنت دوما//// في كل وجه طيب يحمل البعض من ملامحك و قد زينه وشم كالذي نقش على خدّيك.......و أخالني للحظات أمامك أنعم بوجودك //
و أكاد أجزم أن الموت كذبة أزلية و أن القبر وهم وسراب // و يفيض بي الشوق//// يفيض بي الشوق فأهم ّبمن ظننتها أنت //لكنني....لا..........أجدك
و أعود كسيرة لأعاود الكرة مرات و مرات
أزور ذاك القبر الذي زعموا أنهم واروك به/// فلا أبكيك يا أمي......فأنت ساكنة في كل كياني .... أنت مدفونة في قلبي //أنت يا أميمتي الغالية في اللا مكان
و في كل مكان.....فكيف لي بأن أعترف بقبر و أبث له آلامي 

و آمالي؟؟؟
أنت يا أمي أقرب مني إلي// فكل كلمة أنطقها أسمع من خلالها صوتك// و كل إحساس أحسه نابع من روحك
....و كل خطوة أخطوها أرى أنني أسير بها إليك

الأمانة

مالي و للماضي ؟.... ما للماضي يكبلني .. يجرجرني للأعماق ؟ صور تتضارب في ذاكرتي الضحلة/ شمعات تضيء و تنطفئ.... ضحكات ترتفع ثم تذوي/ دمعات تمطر ليلا على انفراد
...
لا يجب أن يعرف بأمرها أحد و لا أن يجففها أحد

ممنوعة من البكاء أمام الآخرين/ ممنوعة من التعبير ممنوعة من الشكوى/ فبكاء الأطفال مزعج 
و تعابيرهم و شكواهم مقلقة و لا يحفل بها أحد
...
ابتسمي لتكون الصورة أحلى .. انضبطي ليكون الوضع أكثر توازنا . سيري على الصراط مستقيمة يمنع أن تتمايلي... لا تحركي مفاصلك عند السير من الأحسن ألا تلتفي وراءك
و ألا ترفعي رأسك. لا تحدقي... أصمتي... تكلمي... كوني... لا ينبغي أن تكوني... ابتعدي عن هذا العالم
..
تقوقعي... عيشي في الظلام... اصنعي لنفسك عالما خاصا بك و أحلاما خاصة بك... اغتالي مشاعرك بنفسك... تنزهي عن مغريات الحياة/ لا تنسي أنك أمانة و الأمانة غالية. الأمانة أفقدت الغراب بياض ريشه. الأمانة دمرت الغراب/ حطمته... قتلت فيه النقاء
...
و صار الغراب وراءها/ أمامها/ بجانبها... سكنها الغراب و صارت تأتمر بأوامره..........
كلمات قد لا يعني أصحابها شيء. طبعت في ذاكرتها. فتفشت في كل خلية من خلاياها المتعبة "أمانة على ملك الغير لا تملك من أمر نفسها شيئا

 ...
قواعد و تقاليد شلت كل ذرة فيها/ صنعت منها إنسانا آليا وقعت برمجته بأيدي خبيرة/استماتت في هذا الوضع/ فهي معروفة بهشاشتها... الصمت يؤثر فيها لأبلغ الحدود/ و قد تلقت كل هذه الأوامر بصمت و طبقتها بصمت/ دون تساؤل
لم تشأ أن تخدش بياض حياتها/ ففضلت أن تعيش على الهامش أو ربما فضلت ألا تعيش على الإطلاق
تجمد كل شيء فيها/ و قتل كل إحساس داخلها/ فتوقف زمنها في مرحلة واحدة...هي تذكر أنها لطالما تجرأت 

و عبرت عن مشاعرها على ورقة بيضاء/ بقلم حبر
 و لطالما سكبت الماء على هذه الورقة قائلة :ذهبت كل مشاعري في الماء/ ثم كانت تمزق الورقة إربا إربا و ترميها قائلة :ذهبت كل مشاعري أدراج الرياح
كانت تجد متعة في هذه الطريقة/ فقد كانت تستجيب لنداء القيد داخلها
ما للماضي يحاصرني/ يتنفسني حتى آخر ذرة في مسام جلدي/ يعيش بي و أتلاشى به/ فأصبح ركاما من الفراغ/ صدى السنين يسمعني ألحانا عذبة جدا/ تجعلني أنتشي و تنسيني جميع الأطر/ فينتفي الزمان و المكان و الآخرون و تنضوي كل الأحداث تحت منطقة النسيان
لكن تلك الصور الباهتة من الأبيض والأسود ترفض التلاشي... تفرض نفسها بقوة فتحتل منطقة الواقع

 رغم السنين و رغم خيوط الشيب التي غزت قلبها
 و شلت تفكيرها... مشاهد تتراقص أمامها رقصة مجنونة فتقترب تبتعد/ تتضح ثم تذوي؛ أب جالس على كرسي من الخشب و كل ملامح الطيبة تغطي وجهه/ ابتسامته ساحرة و نظراته عميقة/ لباسه أبيض/ جبة وبرنس نسجته أيدي الأم بخبرة يقل نظيرها في تلك الأيام... لطالما تباهت و تفاخرت أمام الأقارب كلما امتدح أحد برنسه...
كان طويلا جدا مستقيما في مشيته مع هيبة و وقار يظهران للرائي من أول وهلة/ شعر أبيض يغطيه طربوش أحمر/ تراه متكئا و الصفاء يعلو محياه/ يصفق فتأتيه جريا لتلبي طلبه فيدس في يدها الصغيرة بعض المليمات تشتري بها ما تشتهيه لقد أحبها كثيرا فقد كانت الأخيرة/ الأثيرة/ لكنها نسيت نوع مشاعرها نحوه

 لم تكن تبحث لها عن تسميات/ تعيش الحس و لا تشدها التصنيفات أبوة/ صداقة/ أخوة
أسماء و حدود لا معنى لها في قاموسها/ المهم أنها كانت تحس و تشعر و لا تفكر/ لقد كانت... تحيا... كانت تحيا... فعلا... و لم تكن... تتظاهر بالحياة... كانت موجودة. و كان لوجودها معنى مميز.
صورة رحيله اقترنت بازدحام في المنزل ذي الغرف الثلاثة. سبق الحدث حلم للأم/ أتقنت تفسيره و عرفت مراميه.
ذات خميس حين كانت في المدرسة/ في الأيام الأخيرة من السنة الدراسية 72ـ73 أتاها خبر الرحيل لم تهتز كثيرا للأمر لأنها أحست بالخجل من أي تصرف ستقدم عليه


شاءت أن تجري/ أن تبكي/ أن تصيح أن تعبر عن إحساسها كأي طفلة تتلقى خبر رحيل والدها. لكنها لم تقدر/////// نداء القيد داخلها أخرس مشاعرها و لم 

يفقدها توازنها كانت طفلة متوازنة
!!!!!
أصوات الحاضرات مازالت ترن في أذنها مازالت تطاردها. فقد كانت واقفة في البهو
و روائح طعام تنبعث من المطبخ/ اختلطت الروائح بالعويل فأعطت طعما كريها/ طعم أقرفها 

لاأحب أن آكل لحم أبي-
هذا ما قالته لإحدى القريبات اللائي أشفقن على حالها
و اقترن الموت في ذهنها بتلك الرائحة المنبوذة
كان النسوة يتلقفنها ليقبلنها فتكون محركا سخيا لأشجانهن و دموعهن و عويلهن/ يحتضنها بالتوالي فتختنق بروائح النحيب من صدورهن المتألمة/ خانتها دموعها ذلك الوقت/ فالأمر أقوى من احتمالها/ أقوى من توازنها!!
 بنت في السابعة من عمرها لا يمكن لها أن تستوعب أمر الرحيل الأبدي/ لكن حالة الفوضى في ذلك المنزل هي التي أرهبتها
و أشعرتها بالفراغ/ أشعرتها بضياع الأمان/ 
و كان لابد من الوداع ـ الوداع الأخير دعيت هي و كل أفراد العائلة لغرفة واسعة/ كان فيها والدها محاطا بأبناء عمه/ و أبناء إخوته / و بقية الأهل 
والجيران// كانت لحظة الوداع خاطفة/ قبلت والدها على جبينه قبلة واحدة/ قبلة يتيمة/ كم ظلت تعاتب نفسها طول عمرها لأنها لم تطل لحظة التوديع/ خافت أن ينهرها أحد الأقارب / أحد العارفين بالقواعد
 و القوانين
قبلة واحدة/ لاتزعجيه/لا تقلقي راحته/ لا تحرقيه بدموعك/ واحدة فقط.... واحدة تكفي للذكرى
.....
نفس الابتسامة تعلو محياه/ كان كالملاك نقاء و طيبة/ شاءت احتضانه تمنت لو تضع رأسها على صدره الحنون لتبكي و تقول ما يختلج في قلبها المنهك من الألم يعتصرها. لكنها استجابت للأوامر/ للأوامر الصامتة
.....
لطالما تمنى والدها أن يدفن يوم الجمعة و كان له ما أراد وتمنى
.........
لم يدم حزنها طويلا/ و عادت الحياة عادية بالنسبة لها/ لم تكن تؤرقها إلا الأيام الأولى من كل سنة دراسية/ يأتي المدير ليعرف عدد اليتامى بالفصل فكانت ترفع إصبعها و تحس أنها مختلفة عن الآخرين

 كانت تنزعج كثيرا من هذه الإحصائية/ حتى أنها كانت ترسم ابتسامة شاردة على محياها/ حتى لا يكتشف أحد أن عنصرا هاما ينقص حياتها ........................................................................................
بعد الرحيل تكررت تحت مسامعها عبارة : "الأمانة" فالأم طيبة لدرجة أن الأمانة كانت ثقيلة على عاتقها/ إناث ستة وولدان هم كل ما خرجت به من ذكراها معه
و ترعرع إحساس بالخوف داخل كل فرد/ خوف من الآتي

 و من الآخرين/ خوف من ضياع الأمانة
...........
مرت السنون رتيبة داخل المنزل/ مع العائلة لكنها اختارت لنفسها حياة أخرى
دفنت همومها في اللعب/ وجدت في الطفولة مهربا من الأحزان . عالمها كان يرفض الألم و الدموع/ تمردت على واقعها الحقيقي بالهروب فعاشت على هامش السنين أخرست نداء العاطفة داخلها. فالأطفال لا يحبون 

و لايكرهون/ الأطفال أبرياء
لا تشدهم أمور الدنيا و تفاهات التافهين
.
ربما اتخذت هذا المسار للمحافظة على الأمانة/ على الأمانة داخلها/ فحنطت كل أحاسيسها أو ربما استغنت عنها / وظلت تقنع نفسها بأن لا حق لها فيها 

 فلتفكر كالأطفال و لتعش كالأطفال و لتنبذ كل ما يزحزحها عن عالم الأطفال
...

ولادة

عائشــــــــــــة"
ادخلي ..فالبرد قارس
عائشـــــــــــــة
اهدئــي يا بنتي
....
فالكلّ نيام
..
و الغمام....قد كسا وجه السّماء
حجب نور القمـــــــــــــــــــــــــــر
قد همى الغيث انهمر
مثل أفواه القرب
و جرى الماء سواقي
....
و سيولا
بعدما ..البئر ....نضب
.....
عائشــــــــــــــة
ما بالرّبع
فارس
أطفئي القنديل يا ..بنتي
و نامي
لم يحن بعد الصّباح
اُطردي عنك
الهواجس
ما لك يا بنتي
..
ما الّذي أرّقك؟؟
أهو وصْب
قد أصابك؟؟
أهو وٍِصْر
قد قطعتَه ْ؟؟
فنبا جنبك عن الفرْش
منعتِهْ؟؟"
......
"يا محمّــد
يا محمّــد
يا محمّــد
"......
قد أتاها الطّلْق
فنادت
"يا محمّد"
......
....
......
..يا إله العالمين
ماذا أفعل؟؟ من أنادي؟؟
منزل الدّاية ناء
و أنا
في الرّبْع
وحدي
.......؟؟
".......؟؟
"يا محمّد يا محمّد"
ذا النّداء قد تجدّد
"يا مــ....حــــــمّــــــ.....ددد..."
...........
..........
هاتوا شيحا"
هاتوا سعتر
هاتوا إكليلا و عنبر
........
هاتوا....طربوش أبيه
أمسكيه
.....
بين كفّيك اعصريــــــــــــــه
......
شمّي عطره
....
مسبحه
....
أسكنيها في الفؤاد
طافحه
كلّ حبّة....بالأمان
"و المحبّة صادحة
.....
.....
"يا مـ .....حـ ....مـ ... مـ..مـ......."
...............
سوف تنسين الألم"
اشربي من ماء زمزم
"قولي يا ربّ تكرّم
....
"يا ربّ.يـــا ....ر...بـ...بـ.."
......
.....
....
أبشري يا عائشة "
افرحي يا عائشة
أنت أنجبت صبيّا
يا نساء الرّبع ..زغردن سويّا
هذا قصدي و الطّلب
هلّ و البدر تمام
زارنا فجر الخميس
......
أ نسمّيه...خميسا؟؟
أم محمّـــــــــــــــــــــــد؟؟
أم نسمّيه القمـــــــــــــر؟؟
......
.....
يا سلام
....
حالك كاللّيل
شعره
مثل هدبه و جفونه
و بريق في عيونه
وجهه الصّافي
مدوّر
مثل مرمر
......
ولد داخل ستر
فاستريه
عن عيون الحاسدين
يا بنتي احجبيه
سيكون
من ذوي الشّأن
ارفعيه علّميه
......
.....
هاتوا عطر الياسمين
و الخزامى.... لأحمّيه
ازردوا ريش الحمام
له بردا
......
أنت يا أحلى صبيّة
ألبسيه
و بنجمات اللّيالي
كلّليه
...
و العسل
...
كدت أن أنسى العسل
ذوّقوه
...
من شراب النّحل
مُزّهْ
...
كي يصير ذا قول يروق
يستحيل الحرف من فيه
مذعانا, نسيقا
و منزَّهْ
....
يا لسحرهْ
....
يا لكفّهْ
.....
فيه سرّ ...فيه بلسم
..
سترون من حفيدي
ما ...يشفي السِّقام
.....
عشت
..
يا قرّة عيني
..
ألف عام.